موقع مصنعتنا | Our Mussanah

من المعتقدات الشعبيّة في الباطنة، الحمبكر: الجنيّة التي تجلب الخير.

من المعتقدات الشعبيّة في الباطنة، الحمبكر: الجنيّة التي تجلب الخير.

يونس بن جميل النعماني

تـعَدّ المعتقدات الشعبّية جزءًا من التراث الثقافي غير المادي، وقد جاءت ضمن محاور تعريف منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو”، كما إنها إرثٌ حضاريّ للدّول وشعوبها، وتتباين هذه المعتقدات بتنوع البيئات الجبلية والسهلية والساحلية، كما هي الحال في السلطنة. فالبيئة تسهم كثيراً في نشأة الطقوس التي تصاحب المعتقدات الشعبيّة.
وترتبط الشعوب بمعتقدات بالجن والسحرة والأولياء، كما تعتقد بالأشجار ومياه العيون لقداستها، وتقوم بممارسة الطقوس لها؛ لاعتقادهم في جلب الخير والمنفعة، وقد تغلغل هذا الاعتقاد في نفس سكان المناطق الساحلية في الباطنة، وربطوها بالبحر، فهناك جن البحر، وهناك النذر للبحر، وهذا الولي ساح في البحر، ووجدوه على الضفة، وهذه العين المائية رغم قربها من البحر؛ إلا أن مياهها العذبة لها قدرة على شفاء المرضى ..الخ

ومن المعتقدات الشعبيّة في البيئة الساحلية في الباطنة ما يسمى بالحمبكر، وأصلها همبكر وتعني بالفارسية: الشيء النقيض أو الشيء الآخر، وهي عبارة عن دمية تُلبَّـس عقدًا من محار البحر. يقول أحد الرواة: “نييب لوح ونرسم عليه بنية (بنت) ونزينهي بعقد من الرعبوب (محار البحر)، ونلبّسهي لبس عُماني”. ويختلف اسمها من منطقة إلى أخرى، “نحن ما نسميها حمبكر، نحن نسميها حياه (دمية)”. وفي منطقة أخرى تسمى أمبكر، يقول أحد الرواة: “نحن نسميها أمبكر، أو أم بكره” ويضيف: ” تقول جدتي يُحكى أنه في غابر الأزمان، في زمن البداية أو بداية الزمن، في نهاية الشر وبداية الخير، كانت امرأة سيدة الخير، بل راعية الشر، محققة الأحلام، قائدة الحروب، تحمل كل الأضداد. أمبكر من أساطير الزمن الغابر، توارثتها الأجيال، جيلا بعد جيل. هي الجنية التي تلاحق الأطفال، والأطفال يلاحقونها، يركضون خلفها، إلى نقطة الزمن، وإلى النجوم، وإلى شاطئ الحرية”.
تقام الحمبكر في ليلة العاشر من محرم من كل عام، يقول أحد الرواة: “تقام أسطورة الحمبكر بعد أن يصنع الأطفال تلك الدمية من كرب النخيل، ونربط عليها زورة (سعف النخيل) كيدين؛ لعدم وجود دمى ولعدم مقدرتنا للشراء. وتقام بين الصلاتين، بعد صلاة المغرب ينتشر الأطفال، وكل طفل معه الحمبكر وماعون ( صحن أو مله)؛ لتجميع العيش (الأرز)”.
ويضيف الراوي: “ومن شروط الحمبكر أن يكون العيش مكبوس لحم مملح، ومن بيت لبيت تسمع صوت (الرعبوب) والأطفال يغنّون:

حمبكر تبى عشاها .. حمبكر والخير جاها
حمبكر تبى سحنيه .. حمبكر والخير اهنيه
عطونا من عشاكم .. الله يخلى بناكم

وندخل البيوت فنجد الأمهات يابن (أحضرن) صفرية العشي ( الأرز ) وتعطي كل طفل غرفة منه. ثم نخرج خارج البيت ونقول :
قدام بيتكم وادي .. والخير فيكم بادي
ثم نركض للبيت الآخر، ويمكن ما طابخين لظروف متعددة، مرض سيدة البيت، أو لا ما معهم عيش أو كانوا أيتاما ومساكين، ولكن هذا لا يشفع لهم عند الأطفال؛ لأنهم لا يقدرون الظروف، فينشدون :
قدام بيتكم صينية .. وتصفعكم الجنيه
قدام بيتكم طاسه .. ورقابكم محتاسة
قدام بيتكم أشخره .. وعيونكم متشخره
وبعد ذلك يتم تقاسم اللحم، وأكله في الطريق، والباقي يرمى في البرح وبعضه يرجعونه للبيت. يضيف الرواي: ” بعدين نمشي نرمي الرز في البحر، ونرمي الدمية في البحر.
ومهما يكن فإن ثمة تفسيرات ميثولوجية لهذا المعتقد لا يتسع المجال لذكرها وتحليلها، لعلنا نذكرها في قادم الوقت.

 

Exit mobile version